حكاية تميم الداري وما راي من عجائب

وسلمت عليه وجلست أنظر لفراغه من الصلاة فكان ذلك الرجل يصلي في الليل فبقيت عنده خمسة أيام وهو على حاله لم يبظر له ولا فتر عن صلاته ساعة واحدة .ثم نزلت من عنده وأنا أقول يا ليت شعري من أي أمة هو هذا الرجل فكنت أمشي مدة من ستة أشهر بلياليهن فإذا أنا بقصر عظيم من الذهب والفضة وله أبواب مرصعة بالدر والياقوت فدخلت فيه يا أمير المؤمنين فإذا أنا برجال عليهم ثياب خضر و بأيديهم السيوف والرماح وفي أبدانهم جراحات تشخب ثم رأيت صبيانا صغارا في مقاصير من اللؤلؤ والياقوت ثم خرجت من عندهم وأنا متعجب من ذلك .
فبينما أنا سائر إذ أنا بفارسين راكبين وعليهما ثياب الحرير والديباج كأن الشمس تطلع من خلال وجوههما فلما قربت منهما سلمت عليهما فردا علي السلام فقالا لي من أنت يا هذا الرجل المفقود من أهله فقلت لهما نعم !!! فقالا لي يا هذا لقد رأيت عجبا ولكن سر أمامك ستجد هناك من يرشدك إن شاء الله تعالى فمشيت يومي ذاك فإذا أنا بروضة بيضاء وفيها شيخ كبير وعليه ثياب بيض وعليه عمامة بيضاء وهو قائم يصلي فدنوت منه وسلمت عليه فاستعجل في صلاته ورد علي السلام وقال لي من أنت يا رجل أمفقود من أهله فقلت له نعم فقال لي يا هذا لقد رأيت عجبا ثم أعطاني تمرا فأكلته وكنت محتاجا إلى الطعام .
فلما أكلت وشربت عطف علي فقلت له يا سيدي هل لك علم بهذه المدينة التي رأيتها في هذه الأرض مبنية بالذهب والفضةوليس فيها أحد من خلق الله تعالى فقال لي هي إرم ذات العماد التي بناها شداد بن عاد !!! فقلت له يا سيدي وكم بقي في بنيانها أجاب ثلاث مائة سنة وستين سنة لأنه وجد في الكتاب صفة الجنة فاستعمل مثلها في الدنيا ليسكنها فلما تم بنيانها تجهز إليها مع خاصة قومه وجميع الحصون التي رأيتها لقواده وعماله ورجاله . فلما إقترب منها بعث الله عليهم صاعقة فماټ هو وجنوده ولم يدخلها أحد وكان عمره ألف سنة وركب ألف جواد وإفتض ألف بكر قد ملك الدنيا بأجمعها ولا بد لتلك المدينة أن يسكنها طائفة من هذه الأمة !!! 
فقلت له يا سيدي ومن هذا الرجل الذي رأيته على جبل من تلك الجبال يعبد الله تعالى قال ذلك من بقية الحواريين الذين كانوا مع عيسى عليه السلام فإن الله تعالى أعطاه القوة في آخر الدنيا فقلت له وما القصر الذي رأيته بعده قال ذلك قصر المؤمنين الذين ماتوا صغارا .فقلت له يا سيدي لقد رأيت فارسين راكبين وبأيديهما قضبان من نور !!! فقال لي ذلك جبريل و ميكائيل بعثهما الله إليك ليدلاك على الطريق قال فقلت له ومن أنت يا سيدي يرحمك الله قال أنا النبي ألياس ثم قال سر أمامك فإنك ستجد من يرشدك إلى الطريق إن شاء الله تعالى.
ثم ودعته وقال لي لا تفارق البصر وإن هذه الجبال ليس فيها أحد من خلق الله تعالىقال فمشيت مع ساحل البحر وكنت أعيش من ورق الشجرفلما كان بعد ذلك إذ أنا بسفينة في وسط البحر فكنت أشير إليها وأصيح عليهم حتى خرجوا إلي في زورقوحملوني في المركب فإذا أنا بقوم لا يفقهون كلامي ولا يعرفون ما أقول ...
...يتبع 
حكاية_تميم_الداري_وما_رأى_من_عجائب 
في جزائر البحر المحيط
الحلقة 4
رحلة لآخر الدنيا
فوجدت فيهم شيخا كبيرا وبيده